الْدُّعَــآءُ وَبَعْضُ أَحْكَآمُــــهُ وَشُرُوطُــــهُ وَآدَآبُــهُ

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على اشرف المرسلين وخاتم النبيين محمد صلى الله عليه صلاة تفتح بها ابواب الجنة لنا وتيسر لنا الطريق الى كوثر الحبيب المصطفى ...

واليوم ساتطرق للدعاء ... لعظمة منزلته حيث إن القرآن أنزل لهداية الخلق أجمعين من العقائد الباطلة والضلال المبين .. يفرق بين المرء وأهوائه ... ويجمع بين القلب وشفائه ، ويسري بين أطواء الفؤاد ، وأحناء السرائر .

ولقد خاطب العقل وناجى العواطف وحاسب السرائر واخذ بالضمائر وادب الحواس وهذب الملكات وعدل القوى وقرر العقائد ودعمها بما يناسب كلا منها من براهين ...

ففي هذا القرآن الشفاء الروحي والبدني ، كتاب منزل من رب العالمين ، يستطيع ان يغير القلوب وان ينهج بالضمائر نحو الاستقامة الصحيحة وبقوة خفية ، قوة ربانية ترى الاعجاز الشفائي في القرآن ..

والدعاء والذكر من أنفع الأدوية ، وهما عدوا البلاء ، يدفعانه ويعالجانه ، ويمنعان نزوله ويرفعانه أو يخففانه اذا نزل وهما سلاح المؤمن لا يستغني عنهما انسان ولا يعدم الفائدة منهما الا متكبر فتان ، هما ضياء ونور فيهما القرب من الرحمن وتركهما يؤدي الى الشقاوة والحرمان ، الخير الخير لكل من حافظ عليهما ، والخسران كل الخسران لمن تركهما زلم يعرف حقهما .

فلما كان الدعاء هو الطريق الذي يتوجه به المؤمن لمناجاة ومناداة خالقه سبحانه ، ومعناه الحقيقي استدعاء العبد ربه العناية ، واستمداده إياه بالمعونة ، وحقيقته : إظهار الافتقار إليه ، والتبرؤ من الحول والقوة ، وهو سمة العبودية ، والاستشعار للذلة والبشرية . وفيه معنى الثناء على الله تعالى واضافة الكرم والجود اليه ومن خواصه : أنه عبادة وإخلاص ،وحمد ، وشكر ، وتوحيد ، ورغبة ، ومناجاة ، وتضرع ، وتذلل ، واستكانة ، واستغاثة ..

ومعرفة ذلك يجعل العبد ينطرح على اعتاب بابه سبحانه ، فيساله ولا يسال أحدا سواه ويتضرع اليه ويعلم انه مجيب للداعي اذا دعاه بقلب مخلص ، فقد اخبر الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه ( وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ) وقد ثبت من حديث النعمان بن بشير والبراء - رضي الله عنهما - ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( الدعاء هو العبادة ) وثبت ايضا من حديث ابن عباس -رضي الله عنه- قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أفضل العبادة الدعاء )

وقال ابن القيم -رحمه الله- : ( واذا جمع العبد مع الدعاء حضور القلب وصادف وقتا من أوقات الإجابة وخشوعا في القلب وانكسار بين يدي الرب وذلاً لَهُ وتضرعا ورقة واستقبل الداعي القبلة وكان على طهارة ورفع يديه الى الله وبدا بحمد الله والثناء عليه ثم ثنى بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار ثم دخل على الله وألح عليه في المسألة وتبلغه ودعاه رغبة ورهبة وتوسل اليه باسمائه وصفاته وتوحيده وقدم بين يدي دعائه صدقة فان هذا الدعاء لا يكاد يرد ابدا ولا سيما اذا صادف الادعية التي اخبر النبي صلى الله عليه وسلم انها مضنة الاجابة وانها متضمنة للاسم الاعظم )