مواضيع مماثلة
بحـث
المواضيع الأخيرة
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
قم بحفض و مشاطرة الرابط الشيخ سيدعبد الرحيم الرفاعى على موقع حفض الصفحات
قم بحفض و مشاطرة الرابط الطريقه الرفاعيه الشيخ سيد الرفاعي على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم |
المواضيع الأكثر شعبية
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 1358 عُضو.آخر عُضو مُسجل هو سمير رشدي فمرحباً به.
أعضاؤنا قدموا 2990 مساهمة في هذا المنتدى في 932 موضوع
ادعية الأنبياء والصالحين
صفحة 1 من اصل 1
ادعية الأنبياء والصالحين
نوح عليه السلام: قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِسورة المؤمنون:26لما رأى أنه لا يفيدهم دعاؤه إلا فراراً لجأ يطلب النصرة:رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ، فاستنصر ربه عليهم غضباً لله، حيث ضيعوا أمره، وكذبوا رسوله، فلما أوحيَ إليه أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن قيل عند ذلك: قَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًاسورة نوح:26-27تطهير الأرض من هذا الدنس مهم؛ لأن الله خلقها ليعبد عليها؛ ولذلك قال: رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًاسورة نوح:26لماذا؟ إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًاسورة نوح:27.
نوح عليه السلام من أدعيته قال الله تعالى عنه: رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَسورة هود:47ما أشبهها بدعوة آدم، وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَسورة الأعراف:23، إذا ما فعلت هذا لي أنا خسرت هلكت، تاب إلى الله من سؤال ما ليس له به علم، وجلس يدعو ربه بالمغفرة والرحمة، وأنه بحاجة إلى ماسة إليها، وأنه إذا لم ينعم بها عليه خسر، هلك.
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِسورة نوح:28هذا دعاء آخر لنوح عليه السلام، تأمل في هذا الدعاء كيف بدأ بنفسه: رَبِّ اغْفِرْ لِي، ثم ثنى بأحق الناس، وأقربهم إليه، والديه: وَلِوَالِدَيَّ، ثم الأقرب، رابطة العقيدة بينه وبين إخوانه، ذكوراً وإناثاً، والذين يدخلون بيته من إخوانه الخاصين، وأتباعه المؤمنين، وأصحابه الحواريين قدمهم: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا، فالإنسان لا ينسى إخوانه في الله من الدعاء، الذين يؤاخيهم على طاعته، ويقترب منهم على دعوته، ويخالطهم على نصرة شريعته، وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا، ولكن لا ينسى العموم من السابقين واللاحقين من الإناث والذكور: وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وهو إذا دعا للمؤمنين دعا على الكافرين: وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًاسورة نوح:28هلاكاً، وخساراً، ودماراً.
دعاء إبراهيم عليه السلام وتوسلاته بين يدي ربه:
إبراهيم عليه السلام: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًاسورة إبراهيم:35الله أكبر! شمول الدعوة إنه يريدها للبلد كله ليس لشخص، أو بيت، أو حي: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا، فاستجاب الله دعاءه شرعاً وقدراً.
وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَسورة إبراهيم:35اجنبني وبني، كثير من الناس يدعون لأنفسهم، وينسون ذرياتهم، ولذلك تصلح الذرية بدعاء، وقد تفسد بإهمال الدعاء، وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّالدعاء للنفس أولاً، وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَلماذا؟ لأنه رأى في الواقع شرها ووبالها، وفشوا الافتتان بها؛ ولذلك قال: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِسورة إبراهيم:36، فإذا رأى الناس منكراً متفشياً في الواقع، وفي المجتمع استعاذ ربه منه، وأعاذ ذريته منه أيضاً، وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِسورة إبراهيم:35-36، ثم قال: فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌسورة إبراهيم:36المغفرة والرحمة يطلبها لأهل المعصية.
رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍسورة إبراهيم:37إذن الآن هو يذكر افتقاره، وافتقار أهله: أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِيهاجر، وإسماعيل، أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِسورة إبراهيم:37الذي سيقام، لماذا وضعهم هناك: سياحة؟ تسلية؟ شم الهواء؟ لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَسورة إبراهيم:37من أجلك يا رب؛ ليصلوا لك، نيتي في عملي هي طاعتك، لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ، فإذن بيَّن افتقارهم، وبين لماذا وضعهم هناك؟ لأجله تعالى.
هذه توسلات، ومقدمات مهمة جداً في الأدعية، الله عز وجل يُدخل إليه وعليه في الدعاء بالأبواب المناسبة اللائقة به عز وجل، والتي تؤدي إلى إجابته دعوة عبده، مقدمات مهمة، المقدمات قبل الطلب مهمة، وإذا كان الناس يراعونها عند الكبراء، وفي الطلبات والمكاتيب، والرسائل والعرائض، فالله تعالى أولى بهذه المراعاة؛ لأنه هو الخالق عز وجل، الذي بيده الأمر والنفع والضر عز وجل، فبعد أن توسل إبراهيم عليه السلام بهذا ماذا طلب؟.
فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْسورة إبراهيم:37أفئدة تهوي، الفؤاد إذا مال تبعه كل شيء، فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ، فاجعل أفئدة من الناس رقة، تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِلمجرد الاستمتاع، لمجرد الأكل والتنعم؟ لا،لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَسورة إبراهيم:37هذه النعمة، فما هو هدف السكنى بجوار البيت الحرام؟ إدارة عقارات؟ القيام بالمعاكسات كما يفعل اليوم الفاسقون والفاسقات؟ ما هو هدف السكنى بجوار البيت الحرام؟ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَالمنعم الوهاب عز وجل؛ ليُشكر الله، لتقام الصلاة، للدعاء، لأنواع العبادة، الطائفين والقائمين العاكفين والركع السجود.
رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءسورة إبراهيم:38هذه كلها توسلات يذكر فيها علم ربه، وقدرته عز وجل، ويحمده على النعمة، ويطلب المزيد.
انظر يا عبد الله انظر: رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء * الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء * رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِسورة إبراهيم:38-40، فيحمد على ما عنده، ويطلب المزيد والثبات.
رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِيسورة إبراهيم:40ما أهم الصلاة! رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ، فكثير قد ضيعوها، رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي، وكثير من الأبناء والبنات قد أفسدوها وفقدوها، رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء سورة إبراهيم:40، فهو يدعو، ويسأل الله أن يتقبل دعاءه.
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَسورة إبراهيم:41الترتيب العظيم في دعوات الأنبياء: النفس، ثم الأقرب: رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَجميعاً، يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُسورة إبراهيم:41الناس هناك بحاجة إلى المغفرة في ذلك الوقت.
دعاء آخر للخليل: رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِمن؟ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِسورة البقرة:126يريد النعمة للمؤمنين ليستعينوا بها على الطاعة، ولا يريدها للكافرين ليستعينوا بها على فتنة أولياء الله وعباده الصالحين، لكن الله عز وجل له حكم، قَالَ وَمَن كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُسورة البقرة:126.
إبراهيم عندما يقوم بالعمل الصالح العظيم هو وابنه في بناء البيت ماذا يقول عند البناء؟ وَإِذْ يَرْفَعُعند الرفع، وعند القيام، وخلال العمل، وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَاجملة حالية حالهما عند البناء هو الدعاء، بناء ودعاء، رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّالا تصاب النفس بالعجب إذا كانت تسأل ربها أثناء العمل، وتسأل ماذا؟ القبول: تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُسورة البقرة:127توسل إلى الله بصفتين عظيمتين: بسمعه وعلمه، السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.
رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَإخلاص لا نريد من وراء هذا العمل شهرة، ولا دعايات إعلامية إعلانية، وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَخالصين في العمل، وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَما نريد بعملنا إلا وجهك، وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةًكثيرة، أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَالمستقبل مهم، مد النظر إلى المستقبل في الدعاء من أسرار أدعية الأنبياء، وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَامن الذي يسأل اليوم ربه الفقه في الدين؟ من الذي يسأل اليوم ربه أن يفهِّمه مسائل الدين؟ من؟ قليل جداً، ومن الذي يفطن لهذا؟ قال: وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا، وعلمنا المشاعر، وفقهنا في أحكامها، ودلنا عليها، وبينها لنا، لنعبدك بها، وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُلا زال الخليل يسأل ربه التوبة، وهو يبني البيت، لا يعصي، هو يطيع، ومع ذلك هو يعترف بالتقصير، وأنه محتاج للتوبة:إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُسورة البقرة:128.
مد النظر إلى المستقبل في الدعاء: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاًبعد آلاف السنين خرج الرسول، رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْنعمة أن يكون منهم لا من غيرهم نعمة، كان من ذلك النبي الأمي العربي محمد صلى الله عليه وسلم، فماذا فعلنا لأجل رسالته؟ وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْلماذا يبعث الرسول؟ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ، ويشرح القرآن بالسنة، الكتاب والحكمة، الحكمة السنة ووضع الأشياء في مواضعها، وَيُزَكِّيهِمْيربيهم، ويرتقي بأنفسهم في طاعته، إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُسورة البقرة:129.
قال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًاأعطني الحكمة، وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَسورة الشعراء:83يا للتواضع! وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَهو الخليل! أعظم نبي بعد محمد عليه الصلاة والسلام هو إبراهيم الخليل لكن يقول: وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَألحقني، سبحان الله! يا للإشفاق! يا للخوف من تقلب القلوب! يا للتواضع! الأواه الحليم عليه الصلاة والسلام، وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَمد النظر إلى المستقبل في الدعاء.
وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَسورة الشعراء:84يثنون عليه، ويدعون له، ويقتدون به ليعظم أجره، ولماذا؟ وما هي النتيجة؟ لأنه في النهاية يريد الجنة: وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِسورة الشعراء:85.
ثم دعا لأبيه قبل أن يخبره الله أنه من أهل النار: وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَسورة الشعراء:86، ولا يجامله، فيذكر حاله أنه ضال، ولو كان هو الأب.
وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَسورة الشعراء:87في مناجاته لربه يذكر حال أبيه، ثم يقول: وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَسورة الشعراء:87؛ لأن الخزي يوم القيامة شديد، مآله مصيبة أكبر المصائب، الخزي يوم القيامة في النار وبئس القرار.
وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍسورة الشعراء:87-89.
موسى عليه السلام يختار لكل مقام دعاء:
موسى عليه السلام نبي كريم من أولي العزم، عاش الأنبياء كل منهم مع أمته حتى انتهت العملية بإهلاك الأمم ونجاة الأنبياء وأتباعهم، موسى عليه السلام عاش مع أمتين، وعاش تاريخين: مع فرعون ومجاهدته، ومقارعته والصمود أمامه، وهذه المواجهة الضخمة الكبيرة، ثم لما انتهت بغرق فرعون بدأ موسى حياة أيضاً ثانية، ومجهوداً آخر، ويبني أمة من البداية، ومع بني إسرائيل لكي يواجه التواءاتهم ومعاصيهم وتمردهم، وهكذا مرة أخرى إلى أن قبضه الله.
من قبل النبوة عنده آثار من النبوات في السابقة، فهو من بني إسرائيل، ويوسف من أنبيائهم من قبل، وكذلك يعقوب عليه السلام، فموسى عنده علم من الدين الذي كان موجوداً قبله؛ ولذلك لما قتل القبطي، ونفساً لم يؤمر بقتلها قال: هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌسورة القصص:15، فماذا فعل؟ قال: رب اغفر لي؛ فَغَفَرَ لَهُسورة القصص:16، قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَسورة القصص:17؛ لأنك آتيتني نعمة لن أستعملها في معصيتك، فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَسورة القصص:17؛ لأن بعض الناس عندما يؤتيه الله أموالاً وإعلاماً يكون نصيراً للمجرمين وللطواغيت في الأرض، ويسخر ما آتاه الله من الإمكانات في إضلال البشر، ونشر الرذيلة والفحشاء، ودعايات الأعداء، وتقديس الأعداء، وتضخيم آلة الأعداء، والطعن في المؤمنين، وتشويه سيرة الدعاة العاملين، يستخدم إمكاناته، رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَسورة القصص:17.
لما خرج طريداً خائفاً من المدينة؛ لأن القوم قرروا قتله: يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَسورة القصص:20دعاؤه على حسب الحدث والحال: رَبِّالمهم اللجوء إلى الله في كل أزمة، في كل حال، في كل حين، بحسب المناسب، واختيار الألفاظ المناسبة: رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَسورة القصص:21، ما يعرف الطريق إلى مدين: عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِسورة القصص:22جلس في ظل شجرة جائعاً منهكاً: رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌسورة القصص:24محتاج إلى خيرك أيضاً، كل موضع دعاء، كل مرة ما يناسب: فَاغْفِرْ لِيسورة القصص:16، رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَسورة القصص:17،رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَسورة القصص:21، عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِسورة القصص:22،إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌسورة القصص:24.
لما كلف موسى بالرسالة وتلك الأعباء العظيمة الهائلة التي تنوء بها الجبال لكن تتحملها قلوب المؤمنين، الجبال لو نزل عليها القرآن لتصدعت لكن قلب المؤمن يمكن أن يتحمل، ويلين، ويخبت لكلام ربه.
لما كلف موسى: اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىسورة طـه:24بماذا يستعان على المهمات الصعبة؟ وماذا يقول موسى في هذا الحال، وعندما تعسر الأمور وتكون القضية في غاية الصعوبة، وإلى قوم عتاة جبابرة متكبرين متغطرسين طغاة؟ موسى وحده إلى فرعون بأمته وجنوده وهيلمانه! ماذا سيقول موسى عليه السلام؟ ذلك ما سنعرفه إن شاء الله.
اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من أهل فضلك العظيم، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها، اشرح لنا صدورنا، ويسر لنا أمورنا، اللهم ارحمنا واغفر لنا وتب علينا، واجعلنا من ورثة جنة النعيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله العلي الكبير، أشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له السميع البصير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير، اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، والشافع المشفع يوم الدين، اللهم صل وسلم عليه وعلى ذريته وأزواجه، وخلفائه الطيبين، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا في زمرتهم يوم الدين، وأن تحشرنا معهم يا أرحم الراحمين.
أما بعد:
موسى عليه السلام يدعو على القوم الفاسقين:
فإن في أدعية الصالحين مما قص الله علينا في القرآن الكريم لعبرة عظيمة للمؤمنين، وهذا الفقه العظيم من أولئك النفر الكرام من الأنبياء والصالحين فيه قدوة لعباد الله في أدعيتهم، وإن المؤمن ليرى في أدعية هؤلاء الأنبياء والصالحين المعاني العظيمة، والعبودية الكاملة لله عز وجل.
إن أدعيتهم في السراء والضراء لرب العالمين في الشدة والرخاء للحي القيوم ديان السماوات والأرضين.
وهذا موسى عليه السلام لما ابتلي بفرعون، واشتد أذى فرعون على قوم موسى عليه السلام، وطالت تلك المناظرات والمواجهات بين هذا النبي الكريم وعدو الله فرعون، رفع موسى يديه يدعو ربه: إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ * قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَسورة يونس:88-89، وهكذا كان القرار الأخير بعد استنفاذ كافة الوسائل في الدعوة لما صارت البيوت المزخرفة، والأموال العظيمة، والمراكب الفاخرة صارت فتنة لهؤلاء القوم يستعينون بما آتاهم الله على معصيته، وعلى فتنة عباده، وعلى الإفساد في الأرض، دعا موسى أن يتلفها الله عز وجل، إما بهلاك الذين يستعملونها، أو بجعل هذه الأموال على وجه لا ينتفع به، فقال ذلك الدعاء.
لقد كان موسى عليه السلام حريصاً ألا يزداد أولئك القوم في الطغيان؛ لأن زيادتهم في الطغيان زيادة لعذابهم، ولأن في زيادة طغيانهم فتنة للمؤمنين، والمحافظة على المؤمنين، ووقاية هؤلاء المؤمنين من فتنة الكافرين والطاغين أمر مهم للغاية يحرص عليه موسى عليه السلام، وكانت أذية بني إسرائيل بعد ذلك لموسى عليه السلام، وتمردهم عليه موجبة لشكوى موسى الكليم إلى ربه: قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَسورة المائدة:24بهذه الوقاحة يواجهون نبيهم، كأن القوم سيخرجون لهم من البلد ليدخلوها هم برداً وسلاماً، ما كان ذلك ليحصل، ولما حصلت هذه المعصية، وحصل التمرد من بني إسرائيل على نبيهم ماذا قال؟ قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِيسورة المائدة:25، وصل موسى عليه السلام إلى مرحلة صار ليس له كلمة إلا على أخيه، تمرد عليه القوم، وهذا من طبع اليهود: قَالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَسورة المائدة:25.
وهكذا قص الله سبحانه وتعالى علينا من خبره مع أخيه مع بني إسرائيل لما عبدوا العجل في غيابه، وتمردوا على هارون الذي قال معتذراً لموسى: إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَسورة الأعراف:151ينظر نبي الله حوله، يتلفت فلا يجد إلا الواحد والعدد القليل من الناس الذين ثبتوا، والبقية زلوا، سقطوا في الفتنة: أَلاَ فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْسورة التوبة:49فماذا يقول؟ وبماذا يدعو لمن ثبت معه؟ قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَسورة الأعراف:151أدخلنا فيها؛ فتكون الرحمة محيطة بهما من كل جانب، فهي حصن حصين، وخير وسرور، وحماية من الشرور.
إلهي أشكو البث والحزن كله *** إليك فكن لي راحماً لشكيتي
يشتكي موسى إلى ربه، ويدعو ربه أن يفرق بينه وبين القوم الفاسقين، يجعل هناك فرقاناً، ويجعل له العلو والظفر، والظهور عليهم، وهو محتاج إلى رحمة ربه ومغفرته، يدعو بها ولأخيه، فلا ينسى أخاه.
و
رد: ادعية الأنبياء والصالحين
هكذا حصل لموسى أيضاً مع بني إسرائيل لما أخذتهم الرجفة، لقد تواقح القوم، وتمردوا لدرجة أنهم قالوا: لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةًسورة البقرة:55أخذتهم الصاعقة، ماتوا، أخذ الله أرواحهم.
وكان من قبل قد حصل لهم أمور، وأخذتهم رجفة، ومن بعد نتق الجبل فوقهم: فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَيتوسل إلى ربه بقدرة ربه على الإهلاك، وعلى الإماتة، ثم قال: أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ * وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَسورة الأعراف:155-156، فتأمل في عظمة هذا الدعاء في توجه موسى إلى ربه، يتوسل إليه، يعلن الخضوع والاعتراف بقدرته، وهذا مهم في الدعاء، ويعتذر، وكأنه هو المذنب، مع أن أولئك القوم الذين تمردوا عليه هم الذين أجرموا، وفعلوا فعلتهم الشنعاء بعبادة العجل وموسى يطلب المغفرة لنفسه، أولئك يذنبون، وهو يطلب المغفرة، سبحان الله! تسليم مطلق لقدرة الله يقدمه موسى بين دعائه لربه: رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَمعهم وإياي، أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا، ثم يدعو ربه أن يكتب له في هذه الدنيا حسنة، حسنة الدنيا عظيمة: وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةًتشمل العلم النافع، والعمل الصالح، والذكر الجميل، والرزق الواسع، والصحة، والذرية الطيبة، هكذا حسنة الدنيا شاملة، وَفِي الآخِرَةِسورة الأعراف:156ظل في العرش، ووقاية من النار، وسلامة في العبور عليها، ودخول الجنة، حسنات إنها حسنة عظيمة حسنة الآخرة المتضمنة لكل هذه المزايا.
وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِسورة الأعراف:156، ونحن عندنا هذا الدعاء علمنا الله إياه: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةًسورة البقرة:201.
إن تقديم الاعتذار والاعتراف، وبيان ضعف المخلوق أمام خالقه، وقدرة الخالق على المخلوقين، تقديم ذلك بين الدعاء سر عظيم من أسباب الإجابة.
رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِيسورة القصص:16،رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَسورة القصص:21،رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌسورة القصص:24إظهار الحاجة.
أفرغ علينا صبراً:
تأمل في حال داود عليه السلام، ومن معه من المؤمنين لما برزوا لجالوت وجنوده أمام ذلك الحشد من الأعداء، العَدد والعُدد الجبابرة، قَالُواْأي: عباد الله المؤمنين، رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَسورة البقرة:250أمام هذا الجحفل من الأعداء، أمام هذا الجحفل من الطغاة، يدعو المؤمنون ربهم، ويلجأون إليه في الشدائد، والله إذا دعاه المضطر لا يخيبه: أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًاإفراغ الشيء على الشيء يدل على تعميمه به؛ ولذلك فإنهم لم يقولوا: ارزقنا صبراً، ونحو ذلك وإنما قالوا: أَفْرِغْ عَلَيْنَا؛ لأنهم يحتاجون الصبر الآن، يحتاجون صبراً عظيماً، أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًاالإفراغ صب الشيء الكثير، الإفراغ أَفْرِغْ عَلَيْنَامن أعلى إلى أسفل، إنزال تعميم شمول كثرة أَفْرِغْ عَلَيْنَافقه في الدعاء.
أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَسورة البقرة:250حسن الدعاء، والترتيب الجيد فيه، سألوا أولاً الصبر الذي يعم القلب والبدن: أَفْرِغْ عَلَيْنَا، ثم ثبات القدم المترتب على الصبر: وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا، فسألوا التثبيت الظاهر والباطن، ثم النصر المترتب عليهما، والنصر لا ينال إلا مع الصبر، والصبر مجلبة للمعونة، فتأمل الترتيب في هذا الدعاء: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًاينزل في القلب، وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَانتيجة الصبر في القلب، وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَسورة البقرة:250ثبات القلب، وثبات البدن هو المهيئ للنصر، ولذلك سألوا ربهم هذا السؤال، وجعلوا فيه هذا الترتيب.
لا غنى لأحد عن مغفرة الله تعالى وعونه:
لم يغر ملك سليمان سليمانَ عليه السلام، وإنما قال: رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًاسورة ص:35، رَبِّ اغْفِرْ لِيتأمل كيف حاجتهم إلى المغفرة وهم الأنبياء! يسألون ربهم المغفرة وكأنهم أجرموا وأذنبوا الذنوب العظيمة، يسألون مغفرة ورحمة، إنها حاجة المؤمن إلى مغفرة ربه عز وجل، إنه إظهار الافتقار للواحد القهار.
وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَسورة الأنبياء:87-88قال الحسن والشعبي وسعيد بن جبير: ذَّهَبَ مُغَاضِبًايعني: من أجل ربه عز وجل، غضبت لك يعني: من أجلك، والمؤمن يغضب لله إذا عصي، وكان الأولى أن يصبر، فذهب مغاضباً من أجل ربه، وقد أعلن سخطه على قومه من ما فعلوا وأصروا، وتمردوا وعصوا، فقدر الله أن يلتقمه الحوت، فنادى في الظلمات، إنها لحظات الاضطرار، إنها أوقات الشدة، نادى في الظلمات: ظلمة بطن الحوت، وظلمة قاع البحر واليم، ظلمة الماء، ظلمات أمواج يغشى بعضها بعضاً، وكذلك ظلمة الشدة، وظلمة الوحدة، اجتمعت الظلمات الحسية، والظلمات المعنوية، ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة الحوت، وظلمة الشدة، وظلمة الوحدة، ولكن لم ييأس يونس أبداً من ربه عز وجل.
فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَشكا إلى ربه حاله، وتضرع إليه، وتوسل إليه بوحدانيته: لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ، ثم نزه ربه عما لا يليق به: سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَاعترف لله عز وجل بالظلم لنفسه؛ ولذلك قال النبي عليه السلام محمد صلى الله عليه وسلم: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت) لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ سورة الأنبياء:87، (فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له) في شيء من الحاجات عموماً.
نَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ، وإذا كنت في شدة فالله ينقذك منها، وإذا كنت في ظلمة كربة فالله ينجيك منها، فهو ملجأ الخائفين، ومجير المستغيثين، ومجيب دعوة المضطرين، لا إله إلا هو، وهكذا أنعم الله على يونس
إذا كنت في شدة فالله ينقذك منها، وإذا كنت في ظلمة كربة فالله ينجيك منها، فهو ملجأ الخائفين، ومجير المستغيثين، ومجيب دعوة المضطرين، لا إله إلا هو، وهكذا أنعم الله على يونس
؛ لأنه كان من المسبحين، فإن سجله الماضي في الطاعات جعل له شفاعة عند ربه، فنجاه الله، وأنبت عليه شجرة من يقطين، ورده إلى قومه ليؤمنوا: وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍسورة الصافات:147-148.
ولذي النون وقد ناداه من *** ظلمات البحر إذ فيه استقر
حين نجاه من الغم فهل *** بعد ذا شك لعبد ذي نظر
فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّسورة الأنبياء:88العمل الصالح يساند الدعاء، الدعاء المبني على عمل صالح مسبق إنه أمر عظيم.
ماذا قال زكريا عليه السلام في أدعية الأنبياء أيضاً؟.
وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَسورة الأنبياء:89، إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّاسورة مريم:3-6لما تقارب أجله، ولم يرزقه الله بولد، وهو مسن لا يولد لمثله، وامرأته عاقر لا تنجب، اجتمعت الأسباب الأرضية على عدم الإنجاب، ولكن نبي الله لا ييأس من رحمة الله، وهذا ذكر رحمة ربه له إذ وفقه للدعاء: إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّاسورة مريم:3أمر يدل على الإخلاص، والإقبال على الله، توسل إلى الله بضعفه، وهذا سر مهم نجده متكرراً في أدعية الأنبياء يذكرون ضعفهم، يذكرون افتقارهم، يذكرون حاجتهم إلى ربهم: إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًاسورة مريم:4، ومع كل هذا: لَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّاسورة مريم:4إنه يعتقد بأن الدعاء سعادة، ولا يمكن أن يشقى العبد مع الدعاء، لا يمكن، لا يمكن أن يشقى العبد مع الدعاء؛ ولذلك دعا ودعا، وسأل ولم ييأس مع أن كل الأسباب الأرضية، والنتائج والمقدمات، وكل البيانات تدل على أنه لا فائدة، ولن يولد له ولد، ولكن: وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّاسورة مريم:4لا يشقى الإنسان من دعاء ربه، لا يعدل خيراً؛ لأن المسؤول كريم.
وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّاسورة مريم:5دعا في جوف الليل: (هب لي) أعطني للهبة إحسان بلا مقابل، انتفاع الموهوب بإحسان الواهب؛ ولذلك اختار الطلب هب: (هب لي) محتاج إلى الهبة، الهبة الربانية، ذُرِّيَّةً طَيِّبَةًسورة آل عمران:38كما في الدعاء الآخر: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءسورة آل عمران:38إنك تجيب سائليك، إنك تسمع أصواتهم مهما كانت ضعفاً وخفاءً، وأنت تعطي ولا تحرم؛ لأنك كريم منان؛ ولذلك سأل، وهب الله له يحيى: فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُسورة الأنبياء:90، فهو أعطاه أكثر مما سأل، أصلح الله زوجته بعدما كانت عاقراً لا يصلح رحمها للولادة، فأصلح الله رحمها للحمل لأجل نبيه ودعائه، فبشرته الملائكة بذلك.
عباد الله، هذه من أدعية الأنبياء التي تدل على قوة الرجاء بالله عز وجل، ثم لنتأمل دعوة عيسى عليه السلام، ومن معه يسألونه آية لزيادة إيمانهم، وتثبيتهم على دينهم مائدة من السماء، قال عيسى بن مريم: اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَسورة المائدة:114تطمئن قلوبهم، كما طلب إبراهيم عليه السلام من قبل ذلك ليكون زيادة في إيمانه، ولما كانت القضية ابتلاء تأدب عيسى عليه السلام غاية الأدب ينادي ربه: يا الله يا ربنا، قال عيسى بن مريم: اللَّهُمَّ رَبَّنَا، فجمع في الدعاء بين ألوهية الله تعالى وربوبيته: اللَّهُمَّالميم في قول: (اللهم) بدلاً من ياء النداء المحذوفة قبل لفظ الجلالة: يا الله، اللَّهُمَّ رَبَّنَايعني: يا ربنا، وهكذا دعا بالاثنين جميعاً، دعا بألوهية ربه وبربوبيته: يا الله يا ربنا.
أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء، فهو يريد التثبيت للحواريين، لأصحابه، ويريد نعمة لهم وفرحاً وعيداً.
وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَإنه رزق من الله، وهو خير الرازقين عز وجل، فلا يرزق أحد مثل رزق الله تعالى، ولا يملك أحد مثل رزق الله تعالى، ونجد التبرؤ من الحول والقوة، والاعتراف بأن الله يملك الأمر كله.
في دعاء عيسى عليه السلام: إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَسورة المائدة:118لست بظالم لهم لو عذبتهم؛ لأنك تملكهم، ومن ملك الشيء يفعل فيه ما يشاء، إن عذبهم فهذا عدل، وإن رحمهم فهو فضل، إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَتفعل فيهم ما تشاء، وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُسورة المائدة:118أنت أرحم بهم من أنفسهم، وأعلم بأحوالهم منهم، ومغفرتك صادرة عن تمام عزتك وقدرتك، ليست كمغفرة وعفو العاجز الذي لا يقدر، لا، إنها مغفرة صادرة عن تمام العزة والقوة والقدرة، فمع قدرته على الانتقام، ومع قدرته على التعذيب، ومع قدرته على الإهلاك، فهو يعفو، وهذا السر وراء ختم هذا الدعاء باسمين العزيز الحكيم: وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ؛ لأن المعتاد أن ينتهي مثل هذا الدعاء: فإنك أنت الغفور الرحيم، ولكنه انتهى باسمين عظيمين لله عجيبين في هذا المقام: وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُليست مغفرتك وعفوك صادرة عن ضعف، لكن عن قدرة وقوة، أنت عزيز منيع الجناب، لا يستطيع أحد أن يغلبك، تغلب كل أحد، وأيوب الذي دعا ربه بأنه أرحم الراحمين، وأنه مسه الضر، هكذا نجد الأدعية تتوالى من الأنبياء.
دعوات علمها الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم:
ويعلم الله محمداً صلى الله عليه وسلم أدعية أخرى كما ورد في كتاب الله العزيز: رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِسورة المؤمنون:97-98، وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِسورة المؤمنون:97-98الشيطان له همزات، وهمزات الشيطان هذه الوساوس، وهذا المس، وهذا الأذى، والشر عموماً الذي يكيد به البشر؛ ولذلك الاستعاذة بالله الحصن الحصين، والركن الشديد: رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ؛ لأنهم عدو خفي غير مرئي، عدو خفي لا يُرى، فلا بد من الاستعاذة بالله عز وجل الذي يعلم مكان الشياطين، ويعلم شر الشياطين، وكيد الشياطين، وماذا يفعلون، ومتى يفعلون، وبمن يريدون الإيقاع، فإذا التجأ المسلم إلى الله الذي يعلم هذه الخفايا والغيوب.
رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِسورة المؤمنون:97-98لا يحضرون عند طعامي، ولا شرابي، ولا نكاحي، ولا أمري، وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ، ولا يحضرون في صلاتي؛ فيشوشون علي خشوعي، لا يحضروني في أي أمر من أموري، أبعدهم عني، وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ.
وكذلك علم الله نبيه: وَقُل رَّبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَسورة المؤمنون:118، وهكذا دائماً حاجة العباد حتى الأنبياء إلى المغفرة والرحمة، الدعاء بالمغفرة والرحمة.
علم الله نبيه دعاء للزيادة من العلم: رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًاسورة طـه:114لم يسأل لم يعلِّم الله نبيه أن يستزيد من شيء في الأدعية في القرآن إلا العلم: رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًاسورة طـه:114؛ لفضل العلم، وشرف العلم، ومكانة العلم، وحفظ العلم لصاحبه، العلم خشية الله، العلم الفقه في الدين، هذا العلم الذي ينجي الله به من الظلمات، ويحفظ به من الشبهات، ويثبت به على الصراط المستقيم؛ ولذلك نسأل ربنا دائماً هذا العلم: رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًاسورة طـه:114.
أدعية الصالحين في القرآن:
لقد زخر القرآن الكريم بأدعية للصالحين سوى الأنبياء، فضرب الله مثلاً لنا امرأة فرعون، قال تعالى: إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَسورة التحريم:11كان فرعون يعذبها، ويفتنها عن دينها، لم يمنعها نعيم القصر، ولا ملك المصر، لم يمنعها ذلك الغنى، والجاه والمكانة من الالتحاق بركب المؤمنين مع نبي الله موسى عليه السلام، آمنت بموسى.
وضرب الله هذه المرأة مثلاً للمؤمنين اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِسورة التحريم:11كملت من النساء: آسيا بنت مزاحم، من فقهها في الدعاء أنها طلبت الجار قبل الدار، لما دعت قالت: رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا، ولم تقل: بيتاً عندك، فاختارت الجار قبل الدار، سألت الجار قبل الدار، ومن هو الجار هنا؟ الواحد القهار سبحانه وتعالى، فقهر فرعون زوجها الطاغية وأهلكه، رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَالعندية شرف، العندية رحمة، العندية إذا صار الإنسان عند ربه، البيت عند الله: رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَهنالك في ذلك المقام الكريم، والشرف العظيم، رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًاأين؟ فِي الْجَنَّةِ، وسقف الجنة عرش الرحمن، فهو عز وجل يتجلى لأهل الجنة من فوقهم، فينظرون إليه، فلا يعطون نعمة قط أعظم من النظر إلى وجه ربهم، فتنسيهم لذة النظر كل نعيم في الجنة من القصور والأنهار، والأشجار والطعام، والحور العين كالزوجات، إن نعيم رؤية الله تعالى فوق كل نعيم.
عباد الله، ولا تزال الأهوال تعصف بالمسلمين من كل جانب، والأدعية في حال الكربات والشدة، وتسلط الأعداء كثيرة في القرآن، ومن ذلك دعاء المؤمنين -السحرة سابقاً- الذين آمنوا بربهم لاحقاً، واتبعوا موسى عليه السلام، لما قال لهم فرعون: لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًاسورة الأعراف:125-126الحاجة للصبر الكثير، رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَما دامت المسألة مواجهة الفتنة، ومواجهة تقطيع أيدي وأرجل وقتل، فإن المهم الآن الموت على الإيمان، الموت على دين الله الإسلام؛ ولذلك سألوا ربهم، فقالوا: وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَيشتكون إلى الله ظلم فرعون، ولكنهم أمام الطاغية لا يأبهون: لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَسورة الشعراء:50الآن، أو بعد الموت حاصل، فإذا صار على طاعة، إذا صار قتلاً بيد الأعداء فهو شهادة، وكذا نفوا عن فرعون أنه يملك الأرض، وقالوا: وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَاهذه سبب نقمتك علينا، توجهوا إلى الله بالدعاء، عند الشدائد والأهوال.
من ذا إلى عدله أنهي شكاياتي *** سواك يا رافع السبع السماوات
من ذا أرجيه أمن ذا أؤمله *** لما أتاني من البلوى وما يأتي
من ذا ألوذ به فيما ألم ومن *** أدعوه إن قل صبري في مضراتي
أشكو إليك أموراً أنت تعلمها *** فأنت يا رب علام الخفيات
هيهات مالي عند الخلق من فرج *** فأنت أنت الذي أرجو لحاجات
ولذلك لما اشتد أذى فرعون على أتباع موسى عليه السلام، على القلة القليلة الذين كانوا مع موسى عليه السلام، ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه على خوف من فرعون وملئهم أن يفتنوهم، ذرية شباب: فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْسورة يونس:83ماذا قال موسى؟ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ * فَقَالُواْ عَلَى اللّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَسورة يونس:84-85لا نُفتن بتعذيبهم؛ فنتراجع عن ديننا، ولا نكون نحن فتنة لهم هم؛ فيستمرون في طغيانهم، إذا رأونا مستضعفين؛ اغتروا بقوتهم.
رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَسورة يونس:85-86، وهكذا نجاهم الله، وعبر بهم البحر، وأهلك عدوهم، وهكذا حصل الانتصار بعد الاستضعاف.
وكذلك أصحاب الكهف: إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا سورة الكهف:10، الرحمة إذا أوتيها العبد فقد أوتي خيراً كثيراً، وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًاموافقاً للحق والصواب، ثبتنا، واحفظنا من الشر، وهكذا دعوا ربهم هؤلاء الشباب، هؤلاء الفتية أصحاب الكهف: وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِسورة الكهف:14اعترفوا بربوبيته، رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًاسورة الكهف:14أعلنوا عزمهم على البقاء والحياة على التوحيد: لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَهًالن نشرك به، لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًاسورة الكهف:14بعدنا عن الحق لو أشركنا به، ثبتهم الله: وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاًسورة الإسراء:74، فربط الله على قلوبهم، وأخبرنا بذلك، فقال: وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْسورة الكهف:14الفطر السليمة، والعقول المستقيمة إذا اهتدت إلى ربها فهي تناجيه وتناديه.
وهكذا دعاء الأبرار دائماً: رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِسورة آل عمران:193أدعية عظيمة، بعدما قالوا سابقاً: فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُسورة آل عمران:191-192الوقاية من النار، وطلب مغفرة الذنوب، وتكفير السيئات، وأن تكون الوفاة مع الأبرار، الالتحاق بركب الصالحين: أدخلنا الجنة مع الأبرار، وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَسورة النمل:19، هكذا الدعاء من المؤمنين لله عز وجل.
اللهم اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، اللهم اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا ربنا وتقبل دعاء، ربنا هب لنا حكماً، وألحقنا بالصالحين، واجعل لنا لسان صدق في الآخرين، واجعلنا من ورثة جنة النعيم، ولا تخزنا يوم يبعثون، ربنا هب لنا من الصالحين، ولا تجعلنا فتنة للذين كفروا، وأوزعنا أن نشكر نعمتك التي أنعمت علينا، وأن نعمل صالحاً ترضاه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اللهم أنت القدير، وأنت العلي الكبير، انصر إخواننا المستضعفين، اللهم انصرهم على القوم الظالمين، اللهم نصرك الذي وعدت به عبادك، اللهم آتهم نصرك الذي وعدت به عبادك على لسان رسلك.
اللهم إنا نسألك وأنت الواحد القهار العزيز الجبار أن تنتقم من أعدائنا يا رب العالمين، اللهم أرسل عليهم عذابك، واشدد وطأتك عليهم، اللهم احصدهم، اللهم اقتلهم، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم دمرهم، اللهم عاجلهم بانتقامك، وأرنا فيهم آية، واشف صدور قوم مؤمنين.
اللهم إنا نسألك الرحمة لمن قتل من إخواننا المسلمين، اللهم إنا نسألك أن تجعل هؤلاء الموتى والقتلى في الزلازل وما أصابهم بأيدي الآخرين في منازل الشهداء، اجعل لهم أجر الشهداء يا رب العالمين، واغفر لنا ولهم، وارحمنا وارحمهم، وأنت خير الراحمين، وآتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.
إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَسورة النحل:90، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
1 - رواه البخاري (6306).
2 - رواه النسائي 3505
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت مارس 21, 2020 3:45 am من طرف سيد الرفاعى
» التخصص الذي اعمل بيه
السبت مارس 21, 2020 3:38 am من طرف سيد الرفاعى
» اذا اردت ان ترسل هاتف لاي انسان ويظهر لك فيه
الخميس فبراير 13, 2020 1:03 pm من طرف سيد الرفاعى
» أهدي اليكم كشف ايه الكرسي عديم النظير
الأحد يناير 12, 2020 9:39 am من طرف سيد الرفاعى
» قسم تفسير الاحلام
الخميس ديسمبر 26, 2019 9:53 am من طرف سيد الرفاعى
» دعوة البرهتيه الصحيحة
الأحد ديسمبر 22, 2019 12:34 am من طرف سيد الرفاعى
» طلسم الخاتم السليمانى
الأربعاء ديسمبر 11, 2019 2:09 am من طرف سيد الرفاعى
» التكلفه الماديه في جميع الأمور الروحانيه
الثلاثاء أكتوبر 29, 2019 10:35 am من طرف سيد الرفاعى
» أعراض المس والسحر والحسد وعلاجهما
الإثنين أكتوبر 28, 2019 2:48 pm من طرف سيد الرفاعى